الأوروغواي هذا البلد الصغير الذى لا تزيد مساحته عَنْ 176 ألف كيلومتر مربع، هو بلد كثير كرويًا بفوزه بلقب كوبا أمريكا 15 مرة ولقب كاس العالم مرتين.
الأوروغواي جغرافيًا جاءت بين الأرجنتين والبرازيل، وهذا الموقـع جعلها عرضة للمضايقة مـن البلدين الجارين، ومشاكلها معهما دامت لسنوات عديدة، ولكن البلد الصغير جغرافيا، عرف كيف يستغل كرة القدم، لينتقم مـن “التانغو” و”السامبا” رياضىًا.
أزمات الأوروغواي التاريخية مع الأرجنتين والبرازيل
كانـت دَوْلَةٌ الأوروغواي الصغيرة مطمعًا للجارة الكبيرة البرازيل أو إمبراطورية البرازيل -كيفما كانـت تلقب فى القرن 19-، والنزعة التوسعية لهذه الإمبراطورية دفعتها للاستحواذ على الأوروغواي، وهو ما أجبر الأرجنتين على التدخل، لأنها كانـت ترى بأن الأوروغواي شريكة لها فى النضال امام دول أمريكا الشمالية والبرازيل.
تتويج الأوروغواي بلقب كوبا أمريكا 2011
وأدى التدخل الأرجنتيني الي اندلاع حرب عَامٌ 1825 سميت “حرب سيزبلاتين” بين الأرجنتين والأوروغواي مـن جهة وإمبراطورية البرازيل مـن جانب اخر، واستمرت المعارك لثلاثة أعوام، وشهدت العديد مـن الانتصارات لثوار الأوروغواي المدعومين بقوات الأرجنتين، وأبرزها الانتصار فى معركة “خونكال” البحرية والتي أدت فى النهايه الي استقلال الأوروغواي عَامٌ 1828.
وبعد الاستقلال دخلت الأوروغواي فى حرب أهلية بين السكان البيض “بلانكوس” والهنود الحمر “كولورادوس”، وكان مانويل أوريبي زعيم “البلانكوس” صديقًا لرئيس الأرجنتين وهو الامر الذى لم يعجب الهنود الحمر “كولورادوس” الذين انقلبوا على أوريبي، ودخلوا فى حرب مع الأرجنتين استمرت لمدة 13 عَامًٌا بمساعدة عدو الأمس البرازيل.
وانتهت الحرب بانتصار البرازيل والأوروغواي على الأرجنتين، ولكن أطماع الإمبراطورية البرازيلية عادت للظهور مرة أخرى، ما أجبر الأوروغواي على الدخول فى حرب معها ومع الأرجنتين فى وقت واحد، ولم تنته هذه الأزمة سوى بتوقيع البلدان الثلاثة على معاهدة “التحالف الثلاثي”، لينتهي بذلك تدخل البلدين الكبيرين فى شؤون جارتهما الصغيرة.
كوبا أمريكا فرصة الأوروغواي للثأر مـن الأرجنتين والبرازيل
وبسبب قلة إمكاناتها الاقتصاديه والعسكرية، كانـت لعبة كرة القدم وبطولة كوبا أمريكا على وجه الشأن ملاذ الأوروغواي للثأر مـن الأرجنتين والبرازيل.
فـوز الأورغواي على الأرجنتين فى كوبا أمريكا 2011
وترسخت لدى كل لاعـب فى منتخـب “السيليستي” عقيدة وفكرة بأن الفـوز على “التانغو” و”السيلساو” واجب وطني مقدس، وهو ما أدى الي تحقيق المنتخـب الأوروغواياني لانتصارات عديدة على غريميه التقليديين فى بطوله كوبا أمريكا العريقة.
ويملك منتخـب الأوروغواي الرقم القياسي فى عَدَّدَ التتويجات بلقب كوبا أمريكا بـ 15 مرة مناصفة مع الأرجنتين، وبدأ ثأر “السيليستي” مـن “التانغو” فى أول نسخة للبطولة العريقة والتي جرت عَامٌ 1916، بفوزه بالالقاب على حساب الأرجنتين.
وكرر منتخـب الأوروغواي انتقامه رياضىًا على الأرجنتين 9 مرات أخرى، ليتوج بالالقاب 10 مرات كاملة مـن أصل 15 على حساب منتخـب “التانغو”.
ولم يسلم منتخـب البرازيل مـن ثأر وبطش الأوروغواي فى كوبا أمريكا، حيـث حَقَّق “السيليستي” لقبين على حساب “السامبا”، ليرد بذلك دين “الظلم” الذى تقـدم له مـن طرف الجارين بتتويجه بـ 12 لقبًا فى الكوبا مـن أصل 15 على ظهر جاريه وغريميه التقليديين.
واستغل منتخـب الأوروغواي قوته الكبيرة كرويًا فى النصف الاول مـن القرن العشرين، ليلقن منتخبي الأرجنتين والبرازيل درسين لن ينسياه أبدًا فى بطوله كاس العالم ايضا، وذلك بعد تتويجه بالنسخة الأولى للمونديال عَامٌ 1930 فى النهائى امام الأرجنتين، كَمَا أنه قهر البرازيل فى ستاد “ماراكانا” المعروف فى نهائى مونديال 1950، لينال البطولة العالمي للمرة الثانية فى تاريخه، ويتسبب فى دخول بلد بأكمله فى دوامة مـن الأحزان.
وبالعودة الي الحاضر سيشارك منتخـب الأوروغواي فى كوبا أمريكا 2024 بالولايات المتحدة الأمريكية، وهو يسعي لتكرار إنجازات الماضي، والفوز بلقب غائب عَنْ خزائنه منذ عَامٌ 2011 بقيادة جيل جديد مـن اللاعبـين يتقدمهم رونالد أراوخو مدافـع برشلونه وفيدي فالفيردي متوسط ميدان ريال مدريد وداروين نونييز مهاجـم ليفربول وتحت قيادة المدرب الأرجنتيني الخبير مارسيلو بييلسا.
وسيخوض “السيلستي” دور مجموعـات كوبا أمريكا 2024 ضوء المجموعة الثالثة الي جانب منتخبـات الولايات المتحدة الأمريكية وبنما وبوليفيا.
