مع اقتراب مباريات التوقف الدولى الأخير للعام 2024 مـن نهايتها، وخوض عَدَّدَ مـن المدربين حول العالم لمباراتهم الأولى على رأس الأجهزة الفنية للمنتخبات الوطنيه، وفي مقدمتهم الفرنسي هيرفي رينارد الذى عاد الي منتخبـات الرجال مـن اثناء (الأخضر السعودي) بعد تجربة قصيرة مع منتخـب بلاده للسيدات، وعبر تعيين الألماني توماس توخيل مدربا جديدا على رأس منتخـب إنجلترا بدءا مـن شهر يناير للعام 2025، طرأ بعض التبديل على خارطة وتوزع جنسيات المدربين فى المنتخبات العالميه التى تخوض أغلبها تصفيات مونديالية أو قارية أو مباريات ودية.
وقبل الخوض فى جنسيات المدربين الأكثر طلبا حول العالم لا بد مـن التوقف امام بعض العوامل التى تزيد مـن الاهتمام بجنسيات معينة دون العديد، بعيدا عَنْ الأسماء والتاريخ الكروي لهؤلاء المدربين، حيـث يلعـب عامل اللغة دورا بارزا فى تحديد هوية جنسية المدرب المفضل فى هذا البلد أو ذاك، كَمَا هو الحال فى القارة اللاتينية، حيـث مـن الصعب جدا ان تجد مدربا أوروبيا مع أحد منتخبـات هذه القارة التى تتحدث 9 مـن بلدانها اللغة الإسبانية.
وفي القارة السمراء تلعب اللغة الفرنسية وبعض الارتباطات التاريخية دورا بارزا فى تحديد جنسيات المدربين العاملين مع المنتخبات الأفريقية، حيـث يصبح وجود المدرب الفرنسي والبلجيكي وحتى البرتغالي أكثر منطقية.
اما فى القارة الأوروبية فتبدو الامور أكثر انضباطا إن جاز التعبير فى عمليات تحديد جنسيات المدربين المعينين، حيـث تميل معظم البلدان الي تعيين مدير فني محلي لمنتخباتها، خاصة المنتخبات الكبرى منها، إذ يعتبر تعيين مدير فني أجنبي أمرا معيبا وهو ما يفسر الضجة الكبيرة التى رافقت تعيين السويدي الراحل زفن غوران اريكسون فى بداية الألفية الثالثة مدرباً لمنتخب إنجلترا. الامر الذى تكرر لاحقا مع الإيطالي فابيو كابيلو ومؤخرا مع الألماني توماس توخيل الذى سيبدأ مهامه مع منتخـب الأسود الثلاثة ابتداءً مـن بداية العام الجديـد 2025.
ولا يمكن بأي حال مـن الأحوال إغفال العامل الاقتصادي والمادي فى تحديد هوية جنسيات المدربين بالمنتخبات الوطنيه أيضا، إذ تميل المزيد مـن منتخبـات القارة الآسيوية أو منتخبـات أمريكا الشمالية الي انتداب مدربين محليين أو مـن دول الجوار لهذا السبب على وجه التحديد.
الإسبان يتصدرون سباق جنسيات المدربين
تفوق الكرة الإسبانية فى سباق جنسيات المدربين اثناء السنوات الاخيره، وشهرة مدربيها جاءت بفعل جرأتهم بما يتعلق فى منح الفرصة للاعبين الشبان، وهو ما شجع المزيد مـن البلدان على التعاقـد مع مدربين مـن إسبانيا للإشراف على منتخباتها الوطنيه حتـى جاء العدد الي 13 مدربا فى جميع ارجاء العالم.
وبعيدا عَنْ وجود لويس دي لا فوينتي مع منتخـب (لا روخا)، ومواطنيه روبرتو مارتينيز مع المنتخـب البرتغالي، وكارلوس فيرير (مع بيلاروسيا)، فإن المدرب الإسباني يفرض هيمنته فى القارة الآسيوية مـن اثناء ثمانية مدربين أبرزهم: خيسوس كاساس (العراق)، خوان أنطونيو بيتزي (الكويت)، بارتولومي ماركيز (قطر)، وخوسيه لانا (سوريا)، الي جانب مدربي منتخبـات الهند وماليزيا والفلبين وبنغلادش. بينما تكتمل القائمة بوجود كل مـن ديفيد دونييغا مع منتخـب السلفادور وتوماس كريستيانسين مع منتخـب بنما.
ومع عودة الفرنسي رينارد الي المنتخـب السعودي، تعادلت كفة المدربين الفرنسيين مجددا مع المدربين الأرجنتينيين فى المركـز الثانى على لائحة أكثر المدربين انتشارا فى المنتخبات الوطنيه حول العالم برصيـد عشرة مدربين.
ويهيمن مدربو بلاد التانغو على القارة اللاتينية مـن اثناء وجود سبعة مدربين هم: ليونيل سكالوني (منتخـب الأرجنتين)، نيستور لورينزو (منتخـب كولومبيا)، مارسيلو بييلسا (منتخـب الأوروغواي)، سباستيان بيكاسيسي (منتخـب الإكوادور)، غوستافو ألفارو (الباراغواي)، فرناندو باتيستا (فنزويلا)، وأخيرا ريكاردو غاريكا (منتخـب تشيلي).
اما بالنسبة للفرنسيين فيتوزعون فى سباق جنسيات المدربين بشكل أكبر فى القارات المتنوعة، وإن كانـت القارة الأفريقية تملك النصيب الأكبر مـن اثناء وجود أربعة مدربين لمنتخبات جنوب السودان وموريشيوس وبوتسوانا وغينيا.
الطليان يهيمنون فى أوروبا
حتـى بعد رحيل المدرب روبرتو مانشيني عَنْ الجهـاز الفنى لمنتخب السعوديه، فإن المدربين الطليان لا زالوا يحظون بمكانة بارزة فى المدرسة التدريبية الأكثر انتشارا فى العالم، وقد تجسد ذلك مـن اثناء بطوله يورو 2024 التى حضر فيها خمسة مدربين مـن بلاد السباغيتي فى رقم قياسي غير مسبوق.
وقد يبدو لافتا ان جميع الطليان حاضرون فى سباق جنسيات المدربين حاليا فى القارة الأوروبية، حيـث يشرف دومينيكو تيديسكو على منتخـب بلجيكا، وماركو روسي على منتخـب هنغاريا، وفينتشنزو مونتيلا على المنتخـب التركي، وفرنشيسكو كالزونا على سلوفاكيا، وباولو نيكوليتو على لاتفيا، وروبرتو سيفولي على سان مارينو، ودافيدي مازوتا على منتخـب مالطا، إضافة الي لوسيانو سباليتي الذى يدرب الآزوري منذ شهر أغسطس 2023.
بطولات ومدربون
تاريخيًّا لم يفز اى مدير فني أجنبي (غير محلي) بلقب بطوله كاس العالم أو كاس امم أوروبا، بينما تتغير هذه المعادلة قليلا عندما يصل الحديث الي بطوله كوبا أمريكا (البطولة القارية الأقدم فى العالم) إذ نجح خمسة مدربين أجانب فى التتويج مع منتخبـات لا ينتمون الي جنسيتها عبر 48 نسخة جرت حتـى الان، وكان آخرهم: الأرجنتيني خورخي سامباولي، والإسباني خوان أنطونيو بيتزي، اللذان قادا تشيلي الي البطولة عامي 2015 و2016.
وفي آسيا حَقَّق المدربون المحليون البطولة فى ثماني مناسبات مـن أصل 18 نسخة جرت حتـى الان، علما أنه منذ عَامٌ 1984 عندما قاد خليل الزياني منتخـب السعوديه الانتصار بالالقاب، لم ينجح اى مدير فني محلي فى التتويج مع منتخـب بلاده سوى الأسترالي آينج بوستيكوغلو (مدير فني توتنهام الحالي) فى العام 2015.
وأخيرا فى القارة السمراء، فإن الكفة مالت قليلا لصالح المدرب المحلي فى الآونة الاخيره مـن اثناء تتويج ثلاثة منتخبـات هى الجزائر والسنغال وساحل العاج بقيادة مدربين وطنيين، لتصبح الحصيلة الإجمالية 18 لقبا للمدربين المحليين مقابل 16 للمدربين الأجانب.