لم يعد يخفى على أحد صعود عَدَّدَ الإصابات التى بات يتعرض لها لاعبو كرة القدم فى العام الحالي نتيجه للازدحام الكبير للروزنامة وقلة أيام الراحة التى تفصل ما بين المباريات سواء مع الانديه أو المنتخبات فى أيام الفيفا.
الأصوات تعلو منذ الصيف الفائت، إذ بدأت الانديه عبر مدربيها تطالب بإعادة النظر فى عَدَّدَ المباريات الدولية التى تفرضها أجندة اليويفا والفيفا، وخاصة بعد تعديل نظام المسابقات الأوروبية الذى بات يشمل مباريات أكثر فى العام، واعتماد مسابقه كاس العالم للأندية التى ستقام كل أربع اعوام بمشاركة 32 فريقاً ابتداء مـن صيف العام القادم.
ولم يعرف معظم اللاعبـين طعماً للراحة اثناء الصيف المنصرم بسـبب مشاركتهم فى بطولتي كوبا أمريكا واليورو، اللتين اختتمتا فى الخامس عشر مـن شهر يوليو، اى بالتزامن مع بدء مدة التحضيرات والجولات الخارجية للأندية، وقبل ثلاثة أسابيع فقط مـن موعد بداية العام الكروي الجديـد.
ومن المنتظر ان يتكرر الامر فى صيف العام القادم عندما تأتي النسخه الأولى مـن مونديال الانديه فى الولايات المتحدة فى الفتره ما بين 15 يونيو الي 13 يوليو، علماً ان صيف العام 2026 لن يكون أقل رحمة باللاعبين مـن اثناء إقامة مباريات كاس العالم بمشاركة 48 منتخبا.
أكثر مـن 300 اصابه.. رقم مهول
شهدت بدايات العام الحالي 2024-25، دخول أكثر مـن 300 لاعـب الي عيادات الانديه للعلاج مـن إصابات خفيفة أو قوية، كَمَا لم يسلم العديد مـن اللاعبـين مـن الإصابة بقطع فى الرباط الصليبي الامر الذى يعني انتهاء موسـم الكثيرين منهم.
وحسب دراسة أجرتها شركة التأمين الدولية (هاودن) فإن الدوريات الخمس الكبرى شهدت فى العام الماضي تَسْجِيلٌ 4123 اصابه بزيادة نسبتها أربعة فى المائة مقارنة بالموسم السابق، وبمعدل اصابه لاعـب واحد لـ92 دقيقة، وهو ما شكل زيادة فى كلفة الإصابات على الانديه لتصل الي 732 مليون يورو وهذا الرقم يمثل حصيلة ضرب الراتب الاساسى اليومي للاعب المصاب فى عَدَّدَ الأيام التى لم يكن فيها متاحًا بسـبب الإصابة.
وبينما عكفت المزيد مـن الانديه على عدم استثمار سوق الصفقات الشتوية لسنوات عدة بسـبب اكتفائها باللاعبين الذين تملكهم، أو لتخفيف النفقات، فإنها تجد نفسها مجبرة على الدخول الي الميركاتو الشتوى لهذا العام وفي مقدمتها ريال مدريد الإسباني ومانشستر سيتي الانجليزي، علماً ان آخر صفقة شتوية قام بها النادي الملكي تمثلت بالتعاقد مع اللاعب ابراهيم دياز مقابل 17 مليون يورو.
أيام الفيفا.. الهروب السلمي
مـن يراقب الأخبار التى يتم تداولها مع اقتراب موعد كل توقف دولي فى الأشهر الثلاثة الاخيره يصل الي خلاصة مفادها ان اللاعبـين باتوا يختارون حل (الهروب السلمي) مـن اللعب اثناء أيام الفيفا مع منتخبـات بلادهم، وأنهم باتوا يختارون المباريات التى يريدون اللعب فيها بالاتفاق مع مدربي منتخبـات بلادهم أو مـن اثناء ابتداع سيناريو اصابه طفيفة (بالاتفاق مع مدربي أنديتهم) بحيث يتم تشخيصهم بإصابات تحتاج الي الراحة لمدة عشرة أيام أو اسبوعين على أبعد تقدير، وذلك ليتمكنوا مـن أخذ قسط مـن الراحة هم بأمس الحاجة إليه.
ومع الوصول الي أيام الفيفا أوتوقف شهر (نوفمبر) تزايد عَدَّدَ اللاعبـين الغائبين عَنْ منتخبـات بلادهم، وفي مقدمتهم الفرنسي كيليان مبابي الذى فضل الراحة مجدداً بالاتفاق مع المدرب ديدييه ديشامب.. وكان مبابي قد غاب أيضًا عَنْ مباراتي منتخـب فرنسا فى شهر أكتوبر الماضي، بحجة التعافي مـن اصابه فى فخذه اليسرى ليفاجئ الجميع بالمشاركة أساسيًا مع ريال مدريد بعد التوقف الدولى بيومين فقط.
مـن جهة ثانية صرح فريق برشلونه ان مهاجمه الشاب لامين يامال سيغيب عَنْ منتخـب إسبانيا اثناء مدة التوقف الدولى الحالية “أيام الفيفا” بسـبب اصابه فى الكاحل الأيمن ما يعني حاجته للراحة الي ثلاثة أسابيع.
وفي السياق ذاته سيغيب البولندي روبرت ليفاندوفسكي لمدة لا تقل عَنْ اسبوعين عَنْ الملاعب بسـبب اصابه فى الظهر تقـدم لها حسب التقارير الإعلامية والطبية فى مباراة فريقه برشلونه امام ريال سوسيداد.
ولن يكون كل مـن البرازيليين إيدير ميليتاو ورودريغو متاحين بالنسبة للمدرب ديورفال جونيور فى الجولة الحالية مـن التصفيات اللاتينية المؤهلة لمونديال 2026 بسـبب الإصابة أيضًا.
استغلال أيام الفيفا للراحة.. خيانة أم حق مشروع؟
بعيدًا عَنْ الإصابات الطويلة والحقيقية التى لا يمكن التشكيك فيها، فإن البعض بدأ يميل الي نظرية تشير الي ان اللاعبـين بدؤوا بالفعل يفكرون فى أنديتهم أكثر مـن منتخبـات بلادهم، وبالتالي فإن عملية انتقاء المباريات التى يرغبون فى الحضور فيها، أمر يعتبر بمثابة الخيانة، بحيث لا بد مـن اتخاذ قرارات حاسمة تمنعهم مـن تفريغ المباريات الدولية للمنتخبات مـن مضمونها، والمحافظة على الروح التنافسية فيها.
بينما يميل رأي آخر الي ان جشع اليويفا والفيفا وزيادة عَدَّدَ المباريات بشكل غير معقول فى السنوات الاخيره، بدأ يجبر العديد مـن اللاعبـين على التحايل على الروزنامة الدولية مـن اجل المحافظة على لياقتهم وجاهزيتهم وقدرتهم على تقديم مستويات افضل مع أنديتهم التى تمثل العقود معها مصدر الرزق الاساسى لهم.
وما بين التهرب اثناء أيام الفيفا مـن المباريات الدولية، والتهديد بالإضراب عَنْ الالقاب الكبرى، فإن المستقبل يبدو مجهولًا بالنسبة لكرة القدم العالميه التى باتت تفتقد لجودة اللاعبـين المميزين وللمواهب الفردية، مع تحول تدريجي الي ما يشبه اللاعبـين (الروبوتات) الذين يتوجب عليهم ان يلعبوا أكثر مـن 70 مباراة فى العام الواحد دون كلل أو ملل أو اصابه.