بينما تتواصل الأزمة المادية الخانقة لفريق برشلونه، فقد شكلت أكاديمية (لاماسيا) طوق النجاة للنادي الكتالوني، مـن اثناء تقديم المزيد مـن المواهب الشابة التى نجحت فى فرض نفسها، وأعادت للأذهان بعضًا مـن الصُّورَةُ المتألقة للبلوغرانا مع بداية الألفية الثالثةـ وهي المواهب التى يتصدرها اسم لامين يامال.
رحيل عثمان ديمبلي وعقوبة الإيقاف التى تقـدم لها البرازيلي رافينيا بسـبب كارت حمراء، مهدت الطريق امام ظهور أول لليافع لامين يامال مـن اجل اللعب مع النادي الاول، فى التاسع والعشرين مـن أبريل/ نيسان 2023 لسبع دقائق، فى المباراه امام ريال بيتيس ببطولة الدورى الإسباني، ليكون خامس أصغر لاعـب فى تاريخ الليغا، عَنْ عمر 15 عَامًٌا و9 اشهر و16 يـومًا، وأصغر لاعـب يظهر بقميص البارسا منذ عَامٌ 1922.
لم يتمكن يامال مـن الاحتفال مع زملائه بأول لقب فى مسيرته الكروية، بسـبب وجوده مع منتخـب إسبانيا تحت 17 عَامًٌا، والذي كان يجهز للبطولة الأوروبية التى كانـت ستقام فى المجر نهاية شهر مايو/ أيار. لكن ظهوره وضح عَنْ موهبة تستعد للانطلاق بسرعة الصاروخ فى الكامب نو.
لامين يامال والصعود الي القمة
بفضل مهاراته غير العادية والتي أظهرها فى سن مبكرة، مع شخصيته المتواضعة، نجح لامين يامال المولود فى مدينة ماتارو الإسبانية فى ان يلفت أنظار الكثيرين إليه.. ولعل انحدار والده مـن المغرب ووالدته مـن غينيا الاستوائية، وإمكانية تمثيله اىًّا مـن البلدان الثلاثة، جعله مادة دسمة لوسائل الإعلام، خاصة بعد استدعائه الي منتخـب إسبانيا للناشئين.
المسؤولون عَنْ منتخـب لاروخا سارعوا الي دعوته مـن اجل تمثيل إسبانيا، فتلقى دعوة مـن المدير الفنى لويس دي لا فوينتي للعب أول مباراة دولية له فى الاول مـن سبتمبر/ أيلول 2023، فى تصفيات يورو 2024 امام جورجيا وقبرص.
واستثمر يامال تلك الفرصة مـن اثناء تَسْجِيلٌ هـدفًا فى مرمى جورجيا، اثناء المباراه التى انتهت بفوز المنتخـب الإسباني (7-1)، ليصبح أصغر لاعـب يسجل هـدفًا بقميص منتخـب لاروخا عَنْ عمر 16 سنة و57 يـومًا، محطمًا الرقم السابق لزميله فى البارسا غافي. كَمَا أنه أصبح أصغر لاعـب يحرز هـدفًا فى تصفيات اليورو عبر التَّارِيخُ، محطمًا الرقم السابق المسجل باسم الويلزي غاريث بيل.
لكن لحظة الذروة للاعب الشاب تمثلت بمشاركته فى نهائيات يورو 2024 فى ألمانيا، والصخب الذى رافق مسيرته فى البطولة بسـبب قوانين العمل الألمانية التى تفرض غرامات على تشغيل الشبان تحت 18 عَامًٌا حتـى وقت متأخر مـن الليل، علمًا أنه كان يقوم بواجباته المدرسية اثناء البطولة.
يامال تألق بشكل لافت فى البطولة، بعد ان ساهم فى خمسة مـن اهداف منتخـب إسبانيا المتوج بالالقاب، بتسجيله هـدفًا فى مرمى فرنسا فى مباراة الدور نصف النهائى، وتمريره لأربع كرات حاسمة مـن بينها كرة فى المباراه النهائيه امام إنجلترا، معادلاً الرقم القياسي فى عَدَّدَ التمريرات الحاسمة فى نسخة واحده، ليتوج بجائزة افضل لاعـب شاب فى البطولة، ويصبح أصغر لاعـب يحرز البطولة مع منتخـب بلاده منذ عَامٌ 1960.
تحطيم أرقام رونالدو وبيليه
مـن اثناء تسجيله هـدفًا فى مرمى فرنسا اثناء الدور نصف النهائى لبطولة اليورو، أصبح لامين يامال أصغر لاعـب فى التَّارِيخُ يحرز هـدفًا فى إحدى الالقاب الكبرى، محطمًا رقم الأسطورة البرازيلية بيليه.
وكان بيليه قد سجل فى كاس العالم 1958 عَنْ عمر 17 عَامًٌا و239 يـومًا، ليتجاوز لامين يامال هذا الرقم بـ 123 يـومًا. وبفضل تمريرته لزميله إيناكي ويليامز فى المباراه النهائيه لليورو، استطاع يامال فى نسخة واحده مـن معادلة رقم البرتغالي كريستيانو رونالدو فى عَدَّدَ التمريرات الحاسمة اثناء الأدوار الإقصائية للبطولة (3 تمريرات) علمًا ان رونالدو يمتلك فى رصيده ثماني تمريرات حاسمة فى مجمل مشاركاته فى نهائيات اليورو، ما يستقبل المجال امام الشاب الإسباني لتحطيم هذا الرقم بالنظر الي صغر سنه.
الحياة الشخصية
بعيدًا عَنْ المستطيل الأخضر، يعيش لامين يامال حياة شخصية مثيرة للاهتمام، فهو يجيد التحدث بطلاقة باللغة الفرنسية الي جانب اللغة الإسبانية والكتالونية، وهو مـن محبي ألعاب الفيديو، حيـث يقضي المزيد مـن أوقات فراغه بممارستها، وهو يلعـب لعبة (الفيفا) مع أصدقائه.
بعد أيام قليلة مـن إستقبال صور احتفالية خاصة مع صديقته أليكس باديا إثر الفـوز بلقب اليورو، انفصل يامال عَنْ صديقته بسـبب تداول فيديـو لها مع شخص آخر على منصات التواصل الاجتماعي، ليقوم بإلغاء متابعته لها على إنستغرام، ومن ثم يتم الإعلان عَنْ الانفصال بين الاثنين.
ميسي الجديـد
يعتقد المزيد مـن المراقبين ان عملية البحث عَنْ خليفة الأرجنتيني ليونيل ميسي فى برشلونه قد انتهت، وأن لامين يامال سيكون قادرًا على قيادة البارسا الي منصات المجد مرة أخرى.. وهو ما تظهره الأرقام فى بداية العام الحالي، إذ استطاع مـن معادلة افضل حصيلة تهديفية له مع البارسا (5 اهداف) فى 12 مباراة فقط، كَمَا أنه سجل ستة اهداف فى 16 مباراة خاضها هذا العام فى كل الالقاب، ليساعد فريقه فى تصدر لائحة ترتيـب الليغا الإسبانية، وكذلك الارتقاء الي المركـز السادس فى لائحة ترتيـب مسابقه دورى الأبطال.
وبمقارنة هذه الأرقام مع أرقام النجـم الأرجنتيني ليونيل ميسي فى مواسمه الأولى، فإن يامال لا يبدو بعيدًا جدًا عنها، وربما استطاع مـن تجاوزها إذا ما واصل تقديم هذا الأداء فى الأشهر القليلة القادمة، ولكن السؤال الأكبر الذى يدور بأذهان الكثيرين: هل سيستمر لامين يامال فى اللعب لبرشلونة حتـى مدة طويلة، وهل سيتمكن النادي الكتالوني مـن مقاومة كل الإغراءات التى تقـدم لنجمه الشاب مـن الانديه الثرية كمانشستر سيتي وباريس سان جيرمان؟