تصل درجة العشق الي أعلى مستوياتها، ولكن بمجرد الانتقال الي المنافس، يتحول الحب والشغف الي غضب عارم قد يصل الي درجة الكراهية، وهذا ما حصل فى قصة انتقال إسكندر السويح مـن الصفاقسي الي الترجي التونسي عَامٌ 2001.
بعض الناس يعتبرون ذلك خيانة، وكرة القدم شهدت عدة حلقات مـن هذا المسلسل المتمثل فى الانتقال الي المنافس والغريم التقليدي كَمَا حدث بين الصفاقسي والترجي بطل الدورى التونسي قبل 23 عَامًٌا وما لا يزال عالقًا فى أذهان محبي كرة القدم.
الدورى التونسي شهد عدة حلقات مـن مسلسل “الخيانة” فى عالم كرة القدم، حيـث فضل عَدَّدَ مـن نجوم كرتنا خوض تجارب بعيدة عَنْ الفرق التى سطع فيها نجمهم، وإلى اليـوم، لم تغفر الجماهير رحيلهم وتقمصهم لزي المنافس رغم مرور السنوات، حتـى بعد اعتزالهم كرة القدم. ومن ابرز تلك الأنتقالات، صفقة انتقال النجـم السابق لكرة القدم التونسية إسكندر السويح مـن النادي الصفاقسي الي الترجي عَامٌ 2001.
ويُعد متوسط الميدان إسكندر السويح معبود جماهير صفاقس، حيـث اثناء مايسترو النادي الصفاقسي لسنوات دون منافس، وكان النجـم الاول للفريق. وكان الجميع ينتظر يـوم الأحد للاستمتاع بلمسات السويح، صانع الفرجة والمتعة فى ستاد “الطيب المهيري”.
ولكن جاءت المفاجأة بعد ان اختار أحد رموز النادي الصفاقسي تغيير الأجواء واللعب بقميص الترجي الرياضي، مما أثار الغضب فى الشارع الرياضي فى صفاقس، الذى لم يستسغ الي اليـوم انتقال السويح الي الترجي، حيـث رفضت الجماهير تواجده فى عاصمة الجنوب صفاقس.
كواليس انتقال إسكندر السويح الي الترجي بعد 23 عَامًٌا
وروى الصحفى عبد الكريم قطاطة للمرة الأولى منذ 23 عَامًٌا، كواليس انتقال السويح الي “ألمكشخة”، مـن اثناء منشور على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “Facebook “: “بينما يخص القطيعة بين إسكندر السويح وناديه الأم وانتقاله المفاجئ للترجي، ها أنا ولأول مرة أكشف لكم خفايا لا يعرفها أحد إلا أنا وإسكندر… فى نفس اليـوم الذى وقع فيه إسكندر عقده مع الترجي فى المساء، رنّ جرس هاتفي فى مكتبي على الساعة العاشرة صباحًا”.
وأكمل: “رفعت السماعة فإذا بعون الاستقبال يفيدني بأن اللاعب إسكندر بباب الإذاعة يريد مقابلتي. أذنت له بالدخول، إسكندر لم يكن فقط ذلك اللاعب النجـم بل كنا أصدقاء أيضًا. استقبلته فى مكتبي وكنت على علم بمشاكله آنذاك مع الهيئة المديرة للنادي الرياضي الصفاقسي. سألته: ما الجديـد؟ فقال لي بالحرف الواحد: “أنت تعرف ثقتي وتقديري واحترامي لك، لذلك جئت استشيرك فى وضعيتي التى أصبحت مقلقة جدًا فى علاقتي بالهيئة المديرة وفي علاقتي بمستقبلي الكروي، وجئت لآخذ رأيك ونصيحتك قبل اتخاذ اى قرار”. قلت له: تفضل، ما جديدك؟ فقال لي: “اليـوم لدي موعد فى أحد نزل الحمامات مع رئيس الصفاقسي السيد لطفي عبد الناظر لنحسم فى وضعيتي بالنادي”.
قلت له: يا إسكندر، أنت ساقاك منجم مـن ذهب ومن جهتي كمحب للنادي، أرجو ألا تغادر نادينا. لكن إذا لم تصلا الي اتفاق يرضي الطرفين، فمالك هو رأس مالك، يمكن اللعب فى اى فريق أوروبي. فقط أنصحك بعدم التوقيع لفريق الترجي، لأنك ستخسر كلّ أحبائك فى صفاقس”. ودون تردد أجابني إسكندر: “لن أفعلها. أأنا مجنون؟”. تمنيت له التوفيق وغادر مكتبي متوجهًا الي الحمامات.
ما الذى حدث بعد ذلك؟ تابع: “عند وصوله الي النزل، حيـث كان موعده مع رئيس النادي، انتظر ساعة كاملة، ولم يأت الرئيس. اتجه مباشرة الي سليم شيبوب (رئيس الترجي السابق) وقال له: هات العقد لأمضيه، ووقع مع الترجي. نظريًا، فى دنيا الاحتراف، هذا أمر معقول جدًا، ويحدث كثيرًا مع اللاعبـين… لكن وجعي تمثّل ان ذاك كان لاعـبًا صديقًا جاء للاستشارة والنصيحة، وأجزم أنه لن يفعلها، لكنه فعلها”.
شكل تعاقد الترجي التونسي مع إسكندر السويح فى عَامٌ 2001 صدمة كبيرة لجماهير النادي الصفاقسي، نظرًا للمكانة الكبيرة التى يحتلها فى قلوبهم. وكان السويح قد قاد فريق الجنوب التونسي لتحقيق ثنائية تاريخي فى موسـم 1994-1995، مما جعله “بطلاً شعبياً” فى مدينة صفاقس.
ولعب السويح ثلاث اعوام لصالح فريق العاصمة التونسية، فاز خلالها بعدة بطولات، غير ان مغادرته للفريق كانـت مـن الباب الصغير بعد فشله فى تَسْجِيلٌ ركلة جـزاء حاسمة امام إينمبا النيجيري فى نصف نهائى دورى أبطال أفريقيا 2004.