بات المدرب الهولندي إريك تين هاغ أول ضحايا العام الجديـد فى البريميرليغ، بعد ان أعلنت ادارة مانشستر يونايتد إقالته مـن منصبه بسـبب سوء النتائج التى أدت الي تراجع النادي الي المركـز الرابع عشر فى لائحة الترتيب بعد تسع مباريات.
ورغم مغادرة تين هاغ أسوار قلعة أولد ترافورد، لم تشكل الإقالة مفاجأة للكثيرين، لا سيما أنها كانـت مطلبًا جماهيريًا منذ نهاية العام الماضي الذى شهد حلول النادي فى المركـز الثامن، وهو الأسوأ له فى الدورى الانجليزي منذ العام 1990.
إلا ان رحيله عَنْ مانشستر يونايتد فى هذا التوقيت كرّس مجددًا حالة اللا استقرار التى يعيشها بطل إنجلترا التاريخي منذ رحيل السير أليكس فيرغسون، والتي شهدت تعاقب ستة مدربين مميزين، دون ان يتمكن اى منهم مـن حل شفرة البطولة الذى أحرزه المدرب الأسطوري 13 مرة فى 27 عَامًٌا.
قرار متأخر مـن مانشستر يونايتد
كان مدير فني أياكس السابق على وشك الإقالة مع نهاية العام الفائت، لكن فوزه بكأس الانديه الإنجليزية المحترفة على حساب الجار اللدود مانشستر سيتي منحه فرصة جديدة لمواصلة المشوار على رأس الجهـاز الفنى للفريق.
أنفق تين هاغ ما يقارب 274 مليون دولار أمريكي فى سوق الصفقات الصيفية الاخيره، فتعاقد مع ماتياس دي ليخت ونصير مزراوي، إضافةً الي ليني يورو وجوشوا زيركزي ومانويل أوغرتي، ومع ذلك، لم تكن النتائج فى بداية العام الحالي مرضية، إذ حَصَد اليونايتد 11 نقطه مـن مبارياته التسعة الأولى، والتي شهدت تعرضه للهزيمة فى أربع مباريات: امام برايتون ووست هام خارج ميدانه، وأمام ليفربول وتوتنهام بثلاثية نظيفة فى ملعبه أولد ترافورد.
كَمَا كانـت نتائـج مانشستر يونايتد على المستوى القاري كارثية أيضًا فى الآونة الاخيره؛ إذ جاء التعثر امام فنربخشة التركي بهدف لمثله فى الجولة الثالثة مـن الدورى الأوروبي، ليُمدد الفتره التى لم يعرف فيها فريق الشياطين الحمر طعم الانتصار أوروبيًا الي عَامٌ كامل تحت قيادة تين هاغ، وهي السلسلة السلبية الأطول للفريق منذ عَامٌ 1983.
بينما الخسارة امام وست هام فى الجولة الاخيره بمثابة القطرة التى أفاضت الكأس بالنسبة لإدارة مانشستر يونايتد التى اتخذت قرارًا يراه الكثيرون صحيحاً، ولكنه تأخر كثيرًا.
الي متى ستستمر لعنة فيرغسون؟
لم يترقب أنصار اليونايتد أنه عندما تنحى فيرغسون فى عَامٌ 2013 بعد فوزه بالدوري الممتاز للمرة الثالثة عشرة فى مسيرته مع النادي، ان يقضي اليونايتد 11 عَامًٌا دون تحقيق البطولة مرة أخرى. بل إن البعض بات يتخوف مـن ان تطول مدة الانتظار على نحو يشبه ما حصل مع ليفربول (الزعيم السابق لكرة القدم الإنجليزية) الذى انتظر ثلاثة عقود كاملة حتـى استطاع مـن الفـوز ببطولة الدورى الانجليزي عَامٌ 2020 مع المدرب الألماني يورغن كلوب.
تولى تـدريــب مانشستر يونايتد ستة مدربين منذ رحيل فيرغسون إذا ما استثنينا ريان غيغز ومايكل كاريك اللذين قادا عدداً قليلاً مـن المباريات كمدربين مؤقتين مع الشياطين الحمر.
فيرغسون، وبعد اعتزاله التدريب، اختار بشكل شخصي مواطنه ديفيد مويس ليخلفه، لكن تم الاستغناء عَنْ الأخير بعد عَامٌ واحد، اثناء أنهى مانشستر يونايتد موسمه فى المركـز السابع، الذى كان أسوأ مركز لليونايتد منذ 24 عَامًٌا.
وقع اختيار ادارة مانشستر يونايتد بعد ذلك على الهولندي لويس فان غال، صاحب الشخصية المثيرة للجدل، والذي استمر فى قيادة النادي لمدة 22 شهراً، لكنها كانـت مدة للنسيان، بالرغم مـن ان اليونايتد فاز بكأس إنجلترا معه. لكن نتائـج النادي مع فان غال فتحت الباب امام وصول جوزيه مورينيو، الذى نجح فى إعادة اليونايتد الي منصه الالقاب القارية، لكن مشجعي النادي لم يشعروا بأن لقب الدورى الأوروبي كان كافيًا بالنسبة لطموحهم، فلم يستمر المدرب البرتغالي مع النادي سوى موسمين فقط.
القادم لم يكن سوى أولي غونار سولشاير، صاحب هـدف الفـوز فى الوقت بدل الضائع فى نهائى دورى أبطال أوروبا عَامٌ 1999، والذي منح مـن خلاله الثلاثية لفريقه. لكن سولشاير (المدرب) لم ينجح أيضًا، وبدا ان التعيين قصير الأمد للمدرب رالف رانغنيك تأكيدًا للفوضى التى يعيشها النادي.
جاء الدور على الهولندي تين هاغ، الذى سبقته سمعة عطرة لما حققه فى فريق أياكس فى الموسمين الأخيرين. فتولى المسؤولية عَامٌ 2022، ورغم إنفاقه أكثر مـن نصف مليار يورو على مدار عامين، جاءت العروض والنتائج عكس المستوى المأمول، ليغادر بدوره بعد 850 يـومًا أمضاها ضوء أسوار أولد ترافورد، قاد فيها اليونايتد فى 128 مباراة، حَقَّق الفـوز فى 72 منها، بمعدل 1.84 نقطه فى المباراه الواحدة، مقابل 20 تعادلاً و36 خسارة، بعضها كان تاريخيًا.
630 مباراة و7 بطولات
منذ رحيل السير أليكس فيرغسون، خَاض مانشستر يونايتد 630 مباراة فى كل المسابقات، أَحِرْزٌ خلالها سبعة بطولات فقط، منها لقبان فى كاس إنجلترا ومثلهما فى كاس الرابطه، والدرع الخيرية، إضافة الي لقب فى الدورى الأوروبي. وهي حصيلة لا تليق باسم اليونايتد، ولا ترتقي الي الفتره الذهبية التى عاشها مع فيرغسون، الذى خَاض معه اليونايتد 1500 مباراة، فاز فيها النادي بـ 35 لقبًا، وتحول خلالها الي النادي صاحب العلامة التجارية الأغلى فى العالم.
المشكلة ليست اقتصادية فى مانشستر يونايتد
أنفق مانشستر يونايتد قرابة 2.5 مليار يورو منذ رحيل فيرغسون، لكن كل الأسماء التى جاءت الي النادي، لم تتمكن مـن مجاراة جاره مانشستر سيتي، أو حتـى تشيلسي، وليستر سيتي، وليفربول، وهي الفرق التى تعاقبت على إحراز لقب بطوله الدورى الانجليزي الممتاز، علمًا أنه حل وصيفًا فى مناسبتين عامي 2018 و2021.
ما يؤكد ان مشكلة النادي لم تكن فى يـوم مـن الأيام اقتصادية، وإنما فى طريقة ادارة هذه الأنتقالات، والاستفادة مـن اللاعبـين الذين تم استقدامهم، إضافة الي خسارة الصبر على المدربين الذين تم تعيينهم، على غرار ما حدث مع فيرغسون، الذى لم يتمكن مـن الفـوز بأي لقب باستثناء كاس إنجلترا فى سنواته الست الأولى.
مشكلة لا يبدو ان حلولها تلوح فى الأفق القريب، خاصة ان الهوة تبدو عميقة للغاية حاليًا مع باقي المنافسين فى البريميرليغ. هيبة مانشستر يونايتد ومسرح أحلامه ضاعت فى السنوات الاخيره، فهل يكون خليفة تين هاغ قادرًا على استعادتها؟