نجح منتخـب السعوديه فى تخطي عقدة نَظِيرِه منتخـب الصين، وذلك بعدما قلب الأخضر تأخره بهدف الي فـوزٍ بهدفي حسن كادش، لتعادل السعوديه موقفها فى المجموعة الثالثة مـن التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم 2026 بأمريكا الشمالية.
الفـوز جاء بعد مباراة عصيبة خاضها السعوديون، منقوصين مـن لاعـب لمدة 70 دقيقة، بعد بطاقة حمراء محمد ابراهيم كنّو فى الدقيقه التاسعه عشرة، لكن حسن كادش أنقذ النقاط الثلاثة بهدف متأخر فى الدقيقه التسعين.
متى نمت فى وادينا الصيني كل هذه الزرافات؟
فوجئ منتخـب السعوديه ببداية قوية مـن الصينيين، عمدوا فيها على استغلال الأطراف وإرسال الكرات العرضية والقُطرية الي دَاخِلٌ منطقه الجـزاء، مستغلين وجود عدة لاعبين مـن طوال القامة، نجحوا فى اقتناص عدة كرات صنعت ملامح الخطورة على المرمى السعودي.
فى النهايه، بدا ان المصير المحتوم فى طريقه للحدوث، وذلك بعدما نجح المنتخـب الصيني فى تَسْجِيلٌ هدفه مـن ركلة ركنية، عمل فيها الصينيون على تكثيف عَدَّدَ اللاعبـين دَاخِلٌ منطقه الياردات الستة، مع إيقاف تقـدم حارس السعوديه العويس تجاه الكرة، لينجحوا فى الظفر بالكرة والتسجيل، وسـط تعامل سيئ مـن الحارس السعودي.
الامر لم يتوقف فى الشوط الثانى فى بعض اللقطات، خاصة لقطة الهدف الصيني المُلغى الذى تم تنفيذه بشكل مختلف نوعًا ما، لكن الظفر بالكرات العالية الهجومية كان سمة واضحة للصينيين، بل فى الحقيقة كان هو مصدر الخطورة الاساسى وربما الوحيد.
كنّو.. الي متى؟
ليست المرة الأولى التى يقوم فيها محمد ابراهيم كنّو بتصرف متهور، ومن حسن حظه أنه فى أغلب تلك المرات كانـت تمر مرور الكرام بتعويض زملائه لهذا المخالفة، لكن هل مطلوب ان وضح كارثة أخرى لفريق يلعـب فيه كنو كيفما حدث للهلال امام الاهلي المصرى، ليتعظ لاعـب الوسـط السعودي الموهوب؟
حدث ذلك فى عدة مرات، حتـى جاء بكنّو الي ان يكون اللاعب الأكثر حصولًا على بطاقات حمراء فى كاس العالم للأندية، فبخلاف لقطة الاهلي المصرى الشهيرة التى خسر بعدها الهلال برباعية نظيفة، طُرد كنّو فى مرتين أخريين امام الترجي التونسي والوداد المغربى، لكن مـن حسن حظه ان الهلال تجاوز تلك المباريات بنجاح، كيفما حدث اليـوم للسعودية، وكذلك كيفما فعلها الهلال امام النصر فى مباراة عملية على قمة الدورى السعودي طُرد فيها كنّو.
الملاحظ هو ان تلك المباريات هى مباريات كبرى وحاسمة، ومع ذلك لا يدخر كنو وسعًا فى إظهار تهور ولا مسؤولية لا يمتلك اى فريق ترف ارتكابها فى مثل هذه اللقاءات. اليـوم كان يمكن ان تخسر السعوديه نقطتين على الأقل، رغم أنه كان بصدد العودة فى النتيجة مـن دون كارثة تذكر لمجرد إستقبال هـدف، فإذا به مطلوب منه اللعب بعشرة لاعبين كل تلك الفتره وتعويض التأخر فى النتيجة.
ليس صحيحًا ما قيل عَنْ ان الطرد كان جيدًا للسعودية، فصحيح ان الأداء تحسن بعض الشيء، لكنه فى كل الأحوال كان سيتحسن مع نيل الصينيين لما أرادوا وبدء الأخضر فى استفاقة متوقعة، كانـت ستكون حتـى بالفريق كاملًا، كَمَا ان الشوط الثانى كان أبلغ دليل على ان النقص العددي قد نال مـن لاعبى الأخضر ما نال مـن الصعوبات البدنية.
تحرك بطيء مـن مانشيني مع منتخـب السعوديه
الانطباع الاول هو أنه حسنًا فعلًا روبيرتو مانشيني بعدم إجرائه لتبديل بعد بطاقة حمراء كنّو، وذلك توفيرًا لتلك التبديلات وقت انتهاء المخزون البدني لعديد اللاعبـين، مع تعديل وضعية الحمدان ليكون شبه مجاور للمالكي.
لكن ذلك الانطباع زال بعد ان بالغ مانشيني فى توفير التبديلات لوقتٍ متأخر، إذ لم يجر سوى تبديل واحد بخروج الحمدان وإشراك فهد المولّد، ليتساءل المرء منا متى سيقرر المدير الفنى الإيطالي إجراء التبديلات؟
والحديث هنا ليس عَنْ إجراء التبديلات لمجرد التبديلات، بل فى وضوح التراجع البدني الواضح فى أداء لاعبى السعوديه فى الشوط الثانى بطبيعة الحال مع النقص العددي، ففي بعض الأحيان يقرر المدرب عدم إجراء تغييرات لو كان النادي يمر بفترة جيدة ويستمر بنفس اللاعبـين، لكن كل شيء كان يصرخ بوضوح الي ضرورة إشراك لاعبين قادرين على مساندة زملائهم المتعبين مـن تعويض النقص العددي، والسعي خلف النتيجة.
مباراة لن تُنسى لحسن كادش
فى 1998، كان المدافع الفرنسي ليليان تورام بصدد ليلة لا تُنسى فى تاريخه، إذ لم يكن معروفًا عنه تَسْجِيلٌ الأهداف، فإذا به يقلب الطاولة لمنتخب فرنسا امام نَظِيرِه الكرواتي، فى نصف نهائى كاس العالم بتسجيل هدفين حول بهما الديوك تأخرهم الي فـوز.
السيناريو كان شبيهًا لحسن كادش ولكن مـن كرات ثابتة، فمع النقص العددي باتت الحاجة ملحة للاعتماد على الكرات الثابتة وتثمين دور كل فرصة تُتاح، إذ لم يكن ممكنًا تكثيف وجود لاعبى الأخضر وقت الكرات المتحركة.
اما وقت الكرات الثابتة فكان الظهير الأيسر موجودًا ليصنع الفارق بتحرك ذكي لالتقاط الكرات برأسه على القائم القريب، ليسجل هـدف التعادل الذى كان مهمًّا ليس فقط فى بواسطة العودة للنتيجة، ولكن فى عدم الانتحار البدني للاعبي السعوديه، سعيًا وراء هـدف التعادل لفترة أطول، ليجعلهم أقدر وأكثر اتزانًا فى توزيع المجهود لعلمهم بالاحتياج لهدف واحد فقط.
هذا الهدف تأخر كثيرًا مع أفضلية الصين فى الشوط الثانى، لكنه فى النهايه جاء ليصبح كالبلسم لأعصاب السعوديين المحترقة، والتي لم تكن لتحتمل إهدار نقاط منطقية أخرى قبل لقاءات أكثر صعوبة امام اليابان والبحرين وأستراليا، لتتحول موقعة الأراضي الصينية لمباراة لا تُنسى لحسن كادش، الذى كان بطلًا للمباراة عَنْ جدارة.