باتت الرياضية الجزائرية كيليا نمور بمثابة قصة ملهمة لكل الرياضيات فى العالم بعد تتويجها بالميدالية الذهبية اثناء أولمبياد باريس 2024، فى رياضة الجمباز اختصاص جهاز المتوازي مختلف الارتفاعات، الذى يعد اختصاصها المفضل وبتفوق واضح على كل منافساتها فى العالم.
وخطفت المراهقة الجزائرية (17 عَامٌَا) أنظار العالم اثناء دورة الألعاب الأولمبية بباريس 2024، عندما قدمت أداء باهرًا فى جهاز المتوازي مختلف الارتفاعات، يقول عنه اختصاصيون إنّه سيُخلَّد فى ذاكرة الأولمبياد على اعتبار أنها رفعت سقف الأداء الي أعلى درجة ممكنة.
ولم تكن مسيرة البطلة الجزائرية نحو منصات التتويج الأولمبي مفروشة بالورود، بدليل الدموع التى ذرفتها بعد الإعلان عَنْ تتويجها بالميدالية الذهبية، اليـوم الأحد 4 أغسطس/آب، ما يترجم المعاناة التى كابدتها قبل الوصول الي المجد الأولمبي، والتي بدأتها مـن قصة مرضها النادر وتحديها لفرنسا قبل ان تختار الدفـاع عَنْ ألوان الجزائر.
نمور ولدت فى فرنسا وعشقت الجمباز
ولدت الجمبازية الجزائرية نمور فى فرنسا فى الـ30 ديسمبر/ كانون الاول مـن عَامٌ 2006، مـن أب جزائري وأم فرنسية، وبدأت ممارسة الجمباز فى سنّ صغيرة جدًّا بدعم مـن والدتها، التى رسمت طريقها الي هذه الرياضة الفنية، ولم تتأخر البطلة الأولمبية فى إبراز موهبتها الكبيرة.
وتوّجت فراشة الجزائر بطلة لفرنسا لمسابقة الشباب وهي بسن الـ13 عَامًٌا، قبل ان تتألق بعدها فى عدة دورات اوروبية اثناء عَامٌ 2019 عندما كانـت تمثل فرنسا آنذاك، لتصنف فى خانة أمل فرنسا الأولمبي فى رياضة الجمباز.
مرض نادر غيّر مسيرة البطلة الأولمبية
وفي خضّم صعود نمور كنجمة بارزة فى رياضة الجمباز فى فرنسا وأوروبا واقترابها مـن ولوج الساحة العالميه، تعرضت المراهقة لخبر صادم عَامٌ 2021 عندما تم تشخيصها بمرض نادر يصيب العظام ويؤثر فى النمو الطبيعي.
واضطرت بطلة أولمبياد 2024 الي الخضوع لتدخل جراحي فى كلتا الركبتين لعلاج ما يسمى بالتهاب العظم والغضروف أو الداء العظمي الغضروفي، وهو خلل فى نمو العظام والغضروف يصيب الأطفال بشكل أساسي مـن سنّ الخامسه الي 12 سنة، وتم اكتشاف مرض الجمبازية المتألقة بسن الـ14 عَامًٌا.
وتعرضت البطلة الجزائرية لصدمة قوّية بعد تقدمها لهذا المرض خشية توقف مسيرتها مبكرًا وتحطيم أحلامها الأولمبية، لكنّها كافحت برفقة عائلتها مـن اجل العودة الي المنافسة، وبالفعل نجحت فى ذلك بعد حوالى عَامٌ كامل بعد ترخيص مـن طبيبها الخاص.
معركة أخلاقية وقانونية طويلة مع الاتحاد الفرنسي
ولم تفرح نمور كثيرًا بتجاوز المرحله الصعبة التى أعقبت اكتشاف مرضها النادر وخضوعها لتدخل جراحي معقد فى الركبتين، بعد ان دخلت فى معركة أخلاقية وقانونية طويلة فى الاتحاد الفرنسي للجمباز، الذى حاول -برأي عائلتها والمتابعين- كسر مسيرة الجمبازية المكافحة.
ففي بداية عَامٌ 2022 رفض الاتحاد الفرنسي للجمباز الترخيص لبطلة أولمبياد باريس 2024 بالعودة الي أجواء المنافسة واستقر على قرار عدم أهليتها للتنافس مرة أخرى؛ لأن ذلك يشكل خطرا على صحتها، وهو الامر الذى لم تتقبله هى وعائلتها، خاصة ان لديها الضوء الأخضر مـن طبيبها الخاص، الذى رافقها طوال مدة علاجها.
نمور تطلب تغيير جنسيتها الرياضية
وأمام إصرار الاتحاد الفرنسي للجمباز على عدم منح الضوء الأخضر لنمور بالتنافس مرة أخرى، طلبت الجمبازية الواعدة تغيير جنسيتها الرياضية واختارت الدفـاع عَنْ ألوان الجزائر بلد والدها الأصلي، وحصلت صاحبة 17 عَامًٌا على موافقة الجزائر والاتحاد الدولى للجمباز.
ولم تتوقف معاناة الفراشة الجزائرية مع فرنسا عند قضية مرضها وإصابتها وعدم أهليتها للتنافس مرة أخرى، بل واجهت مشكلة أخرى تتمثل فى رفض الاتحاد الفرنسي الترخيص لها لتمثيل الجزائر، ويقول قانون الاتحاد الدولى إن اى رياضى يمكنه تغيير جنسيته والتنافس بألوان بلد آخر مباشرةً بشرط الاتفاق بين الاتحادين المعنيين (فرنسا والجزائر فى هذه القضية).
وفي حال عدم حصول هذا الاتفاق، يجب على الرياضيّ المعني البقاء دون مسابقه دولية لمدة عَامٌ كامل، وفي هذه الحالة، لم يكن عنصر الوقت فى صالح البطلة الأولمبية الحالية، التى كانـت مُطالَبة بالمشاركة فى المنافسات الدولية لضمان تأهلها الي أولمبياد باريس حلمها الأبرز، حيـث كان الوقت عدو الجمبازية الجزائرية.
واضطرت نمور الي إعداد عريضة احتجاجٍ وقّع عليها العديد مـن الرياضيين والمتضامنين معها امام الاتحاد الفرنسي للجمباز، للسماح لها بتمثيل الجزائر، لكن ذلك لم يجدِ نفعًا إلّا بعد تدخل وزير الرياضة الفرنسية لدى الاتحاد الفرنسي لـ”تحرير” البطلة الجزائرية.
