اتّضحت ملامح الحصان الأسود فى اليورو الألماني، فى وقت مبكر مـن المنافسة، حيـث قدّمت الجولة الأولى مـن دور المجموعات عَدَّدًَا مـن المواجهات المثيرة، التى أفرزت بدورها 3 مرشحين بارزين للعب دور “المنافس الجدّي” مـن خارج صندوق الترشيحات الكلاسيكية للقب.
ولئن كان الوقت مبكرًا على إصدار أحكام بشأن قدرة المنتخبات على المنافسة بقوة أو المغادرة سريعًا بخفّي حنين، حيـث إننا لم نر سوى “بروفة” افتتاحية مـن الدور الاول، فإنّ الامر اليقيني هو انّ هذا العرض الاول شهد تقديم عَدَّدَ مـن المنتخبات لأوراق اعتمادها بقوة.
تركيا بعرضها الجميل امام جورجيا (3-1) ورومانيا بفوزها الكاسح على أوكرانيا (3-0) وسلوفاكيا بمفاجأتها المدوية امام بلجيكا (1-0)، عناوين عريضة لمنتخبات عبّرت عَنْ جدّية نواياها الصريحة فى ان تكون رقمًا صعبًا فى النسخه الـ17 مـن الكأس الأوروبية، التى تحتضنها “بلاد الفوهرر” حتـى 14 يوليو/ تموز القادم.
دور الحصان الأسود فى اليورو.. تركيا الأوفر حظًا
للعب دور الحصان الأسود فى اليورو أو اى مسابقه مـن هذا الحجم، يجب ان تتوفّر مواصفات خاصة وعوامل مساعدة ومحفّزات إضافية، تصبّ جميعها فى خانة منتخـب واحد، لكي تتحقق معادلة “المفاجأة” التى تقف فى العادة فى وجه جهابذة المنافسه وأصحاب التَّارِيخُ الكبير.
وصفة النجاح المذكورة، تتوفّر حاليًا فى منتخـب تركيا، فمواصفاته الخاصة تتمثّل فى تركيبة لاعبيه الموهوبين الذين يتقدمهم القائد “المايسترو” هاكان تشالهان أوغلو، نجم إنتر ميلان، والفنّان أردا غولر واعدُ ريال مدريد ومستقبل كرة “الأناضول”، بالإضافة الي عَدَّدَ مـن اللاعبـين الآخرين، الذين يتحرّكون بتوجيهات المدرب الإيطالي صاحب التجربة، فينشنزو مونتيلا.
ومن العوامل المساعدة لتركيا للعب دور الحصان الأسود فى اليورو الدعـم الجماهيري اللامحدود مـن الجالية التركية القاطنة فى ألمانيا، والتي تعدّ الأكبر هناك، ولعلّ الدليل الأكبر على ذلك، دورها الجلي فى مواجهه جورجيا والتي شهدت “غزوها” لملعب “دورتموند”.اما عَنْ المحفزات الإضافية، التى تدفع التجربة التركية نحو الأمام، هى حتمًا العوامل التاريخية، حيـث يحاول “أحفاد أتاتورك” الي محو الأثر السلبى لآخر مشاركتين محبطتين فى اليورو فى 2016 و2020، اثناء غادروا المنافسه مـن دور المجموعات، وبالتالي استذكار التجربة الأكثر تميزًا فى نسخة 2008، اثناء بلغوا الدور نصف النهائى، قبل ان تتوقف مغامرتهم بعد الخسارة بصعوبة امام “الماكينات” بنتيجة (2-3)، فى مشاركة ملهمة بقيت مرجعًا للكرة التركية قاريًا، بعد إنجاز مونديال 2002، الذى حَقَّق فيه زملاء القائد هاكان شوكور وحسن ساس آنذاك، المركـز الثالث.
رومانيا وسلوفاكيا تثوران على التقاليد
قدّمت المجموعة الخامسه نفسها بقوة بضمّها لاثنين مـن المنتخبات التى اثبت قدرتها على لعب دور الحصان الأسود فى اليورو مـن اثناء أول ظهور لهما، فــرومانيا أبهرت جميع الملاحظين بفوز كاسح على أوكرانيا، التى تعدّ الأكثر حنكة فى مثل هذه المواعيد القارية، بينما صدمت سلوفاكيا المجهولة بـ”مقياس النجوم”، الترسانة البلجيكية بطلقة وحيدة، كانـت كفيلة بقتل أحلام زملاء “العقل المدبّر” كيفن دي بروين بالعودة الي المواجهة.وبقيادة نيكولاي ستانسيو وحضور نجل الأسطورة جورجي حاجي، الموهوب يانيس حاجي، تبدو التشكيلة الرومانية عازمة فى سادس مشاركاتها على تكرار إنجاز تخطي الدور الاول والذي لم ير النور منذ 24 عَامًٌا، وتحديدًا مـن يورو 2000.اما السلوفاك الذين يقودهم صمام الدفـاع ميلان سكرينيار (باريس سان جيرمان) وحارس المرمى الخبير مارتين دوبرافكا (نيوكاسل) ومحرك الوسـط ستانيسلاف لوبوتكا (نابولي)، فيأملون تفعيل دور فوزهم المفاجئ على بلجيكا، لمغازلة تاريخ قديم كانوا يلعبون فيه دور البطولة تحت لواء تشيكوسلوفاكيا، اثناء رفعوا كاس البطولة عَامٌ 1976 وحلّوا فى المركـز الثالث فى نسختي 1960 (أول بطوله) و1980، بينما انّ “سلوفاكيا المستقلة” بعيدًا عَنْ أمجادها قبل التفكك، تسعى فقط لتكرار الوصول الي الدور الثانى، الذى بلغته فى يورو 2016 قبل ان تغادر امام ألمانيا فى دور الـ16 بثلاثية نظيفة.
منتخبـات أخرى قد تعود فى السباق
صحيح انّ الجولة الأولى قدّمت الثلاثي تركيا ورومانيا وسلوفاكيا، فى الصف الاول للمرشحين، للعب دور الحصان الأسود فى اليورو إلا انّ ذلك لا يعني انّهم الوحيدون القادرون على خلط أوراق المنافسة فى هذه النسخه الألمانية.
منتخبـات على غرار سلوفينيا المتعادلة امام الدنمارك (1-1)، وحتى صربيا التى انهزمت بشق النفس امام إنجلترا (0-1)، والنمسا التى انحنت امام فرنسا مُكتوية بالنيران الصديقة، وبولندا التى سقطت فى سيناريو قاسٍ امام هولندا (1-2) فى غياب نجمها الأوحد روبرت ليفاندوفسكي المصاب.. كلها منتخبـات قادرة على العودة مـن بعيد، وارتداء عباءة الحصان الأسود فى اليورو باقتدار.
